Physical Address
304 North Cardinal St.
Dorchester Center, MA 02124
Physical Address
304 North Cardinal St.
Dorchester Center, MA 02124
في كل مرة نقرأ فيها قصة سيدنا يوسف عليه السلام، نشعر بعظمة هذا الدرس الرباني المتكامل في الصبر والثبات والتوكل على الله. إنها ليست مجرد قصة نبي عاش قبل آلاف السنين، بل هي مدرسة متكاملة لكل من يمر بابتلاء أو يواجه تحدياً في حياته اليومية. في هذا المقال سنغوص معًا في تفاصيل القصة كما وردت في القرآن الكريم ونستخلص منها دروسًا عملية لحياتنا المعاصرة.
ولد يوسف عليه السلام في بيت يعقوب عليه السلام الذي كان نبي الله في ذلك الزمان. ومنذ نعومة أظفاره، ظهرت عليه علامات النبوة والرشد.
في صغره رأى رؤيا عجيبة قصها على والده:
“يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين” (يوسف: 4).
فهم يعقوب عليه السلام أن ابنه سيبلغ منزلة عظيمة لكنه نصحه بكتمان الرؤيا عن إخوته حتى لا يثير غيرتهم.
كان إخوة يوسف يغارون منه بسبب محبة أبيهم له. اجتمعوا وتآمروا عليه حتى ألقوه في بئر مظلم مهجور. ثم عادوا إلى أبيهم بقميصه الملطخ بالدماء مدّعين أن الذئب أكله.
رغم الكيد والمؤامرة، كان لطف الله يرافق يوسف في كل مرحلة.
مرت قافلة بالبئر فأنقذته وباعته في سوق النخاسة بمصر بثمن زهيد. اشتراه العزيز (وزير مصر) ورباه في بيته، وبدأت مرحلة جديدة من حياته.
“وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدًا” (يوسف: 21).
كبر يوسف وأصبح شاباً حسن الخَلق والخُلق، فافتتنت به امرأة العزيز وحاولت إغرائه، لكنه استعصم بالله ورفض الفاحشة.
“معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي” (يوسف: 23).
عندما افتضح الأمر، دافعت المرأة عن نفسها واتهمته كذباً، فكان مصيره السجن.
دخل يوسف السجن ظلمًا، لكنه لم يفقد إيمانه بالله. في السجن برزت موهبته في تفسير الأحلام.
جاءه صاحبان في السجن برؤيا كل منهما، ففسرهما له بدقة. وبعد سنوات طويلة، احتاج الملك من يفسر رؤياه المعقدة:
“إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف” (يوسف: 43).
ففسرها يوسف بأنها سنوات رخاء تليها سنوات قحط، واقترح خطة محكمة لإدارة الأزمة الاقتصادية، فأعجب به الملك وخرجه من السجن وولاه على خزائن مصر.
مع حلول سنوات الجفاف جاء إخوة يوسف إلى مصر يطلبون الطعام، ولم يتعرفوا عليه في البداية. ثم بتخطيط حكيم استطاع يوسف أن يجمع شمل الأسرة كلها ويعفو عن إخوته رغم كل ما فعلوه:
“قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين” (يوسف: 92).
وتحققت رؤياه القديمة حين دخل والداه وإخوته إلى مصر وسجدوا له تعبيراً عن احترامهم وتقديرهم.
هذه القصة العظيمة تحمل العديد من الدروس الهامة، منها:
الدرس | الشرح |
---|---|
الصبر على الابتلاء | رغم تعدد الابتلاءات، صبر يوسف حتى جاء الفرج. |
العفة والتقوى | صمد أمام الفتنة الشديدة ورفض الحرام. |
الثقة بالله | لم ييأس حتى في السجن، بل كان دائم الذكر لله. |
العفو عند المقدرة | سامح إخوته وعفا عنهم بعدما كان قادراً على معاقبتهم. |
أهمية التخطيط | وضع خطة اقتصادية أنقذت مصر من المجاعة. |
التوكل مع العمل | كان يعتمد على الله لكن يسعى بالأسباب. |
تحتوي على كافة جوانب الحياة: الأسرة، الفتنة، الابتلاء، النصر.
كل فقرة فيها درس عملي قابل للتطبيق.
مخاطبة للعقل والقلب معاً.
تظهر عظمة قدر الله وتدبيره.
الصبر عند الشدائد المالية أو الأسرية.
العفاف في زمن الفتن.
الحفاظ على الأمل مهما اشتدت المحن.
إتقان العمل في المسؤوليات المناطة بنا.
العفو والتسامح مع من أخطأ في حقنا.
قصة يوسف عليه السلام ليست مجرد سرد تاريخي، بل هي منهاج حياة لكل من يبحث عن الثبات وسط تقلبات الحياة. إنها دعوة للصبر والتوكل، ورسالة بأن الله يدبر الخير حتى من وسط الألم.
المصادر